شعراءه
قال ابن سيرين: كان شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك. وكان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع، والأيام، والمآثر، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر، وينسبهم إليه.
- حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري ابن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار.
سيد الشعراء المؤمنين، المؤيد بروح القدس، أبو الوليد، ويقال: أبو الحسام الأنصاري، الخزرجي، النجاري، المدني، ابن الفريعة، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه.
عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين في الإسلام.
كان في حلقة فيهم أبو هريرة، فقال: أنشدك الله يا أبا هريرة، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أجب عني، أيدك الله بروح القدس)؟، فقال: اللهم نعم.
ولما كان يوم الأحزاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يحمي أعراض المسلمين؟)، فقال كعب بن مالك: أنا، وقال ابن رواحة: أنا، وقال حسان: أنا، فقال: (نعم، اهجهم أنت، وسيعينك عليهم روح القدس).
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين عزم على هجاء قريش: لأسلنك منهم سل الشعرة من العجين، ولي مَقُول يفري ما لا تفريه الحربة.
قالت عائشة رضي الله عنها: والله إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بكلمات قالهن لأبي سفيان بن الحارث:
هجوت محمدا فأجبت عنه ** وعند الله في ذاك الجزاءُ
فإن أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمد منكم وقاءُ
أتهجوه ولست له بكفء ** فشرُّكما لخيرِكما الفداءُ
توفي سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة أربعين.
- كعب بن مالك بن أبي كعب عمرو الأنصاري بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري، الخزرجي، العقبي (نسبة إلى العقبة)، الأُحدي (نسبة إلى أُحد)، شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأحد الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك، فتاب الله عليهم، ونزل فيه قوله تعالى: وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (التوبة: 118). شهد العقبة، وكان يقول: (ولقد شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدرٌ أَذْكَرَ فِي الناس منها).
كان يذكر الحرب، يقول: فعلنا ونفعل، ويتهدد المشركين.
قال: يا رسول الله، قد أنزل الله في الشعراء ما أنزل.
قال: (إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل). رواه أحمد برقم: (26633) وصححه الألباني في السلسلة.
أسلمت دوس فرَقًا من بيت قاله كعب:
نخيرها ولو نطقت لقالت ** قواطعهن دوسًا أو ثقيفًا
توفي سنة أربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين.
-عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري الأمير، السعيد، الشهيد، أبو عمرو الأنصاري، الخزرجي، البدري، النقيب، الشاعر، يكنى: أبا محمد، وأبا رواحة، وليس له عقب، شهد بدرا، والعقبة، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة بدر الموعد.
وهو خال النعمان بن بشير.
وكان من كتاب الأنصار.
كان إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمن ساعة، فقاله يوما لرجل، فغضب، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة، فقال: (يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة). رواه أحمد برقم: (13385) وضعفه محققو المسند، وكذا الألباني في الترغيب والترهيب.
دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء، وهو بين يديه يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله * اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله *ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر: يا ابن رواحة، في حرم الله، وبين يدي رسول الله تقول الشعر؟.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خل يا عمر، فهو أسرع فيهم من نضح النبل). رواه الترمذي برقم: (2847) وصححه الألباني.
وقال ابن رواحة: مررت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه، فقال: (كيف تقول الشعر إذا أردت أن تقول؟). قلت: أنظر في ذاك، ثم أقول.
قال: (فعليك بالمشركين).
قال: ولم أكن هيأت شيئا، ثم قلت:
فخبروني أثمان العباء متى ** كنتم بطارق أو دانت لكم مضر؟
فرأيته قد كره هذا أن جعلت قومه أثمان العباء، فقلت:
يا هاشم الخير، إن الله فضلكم ** على البرية فضلاً ما له غير
إني تفرست فيك الخير أعرفه ** فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت إن استنصرت بعضهم ** في حل أمرك ما آووا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن ** تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
فأقبل صلى الله عليه وسلم بوجهه مستبشرا، وقال: (وإياك فثبت الله). رواه الطبراني في المعجم الكبير (18/480- برقم: 204). كان في من جهزهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مؤتة أمراء، فقال: (الأمير زيد، فإن أصيب فجعفر، فإن أصيب فابن رواحة)، فلما قتلا، كره ابن رواحة الإقدام، فقال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه ** طائعة أو لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنه ** ما لي أراك تكرهين الجنة
فقاتل حتى قتل. أصله في البخاري برقم: (4261) وليس فيه كره ابن رواحة... إلخ